الجاسوسيه
ابنها يحلم بالعودة رغم تهويده...
قصة عائلة الجواسيس المصرية التى تسببت في مقتل
الفريق عبد المنعم رياض
بوابه الاهرام 04/10/2012
http://gate.ahram.org.eg/News/256903.aspxإلا أن ضحكات الإسرائيليين المرة هذه الأيام في الميادين ومشاهدة لقطات بائسة من الأفلام الحديثة التي تعرض هذه الأيام في التليفزيون الإسرائيلي لم تغير في عقل "رافي بن دافيد شيئا"....هذا الإسرائيلي الذي يحلم بالعودة من جديد إلى مصر موطنه والالتقاء بأقاربه القاطنين الآن في حي مدينة نصر وبالتحديد شارع عباس العقاد التجاري الشهير.
رافي بن دافيد ليس مجرد مواطن إسرائيلي عادي، وراءه مأساة إنسانية مدمرة، ربما لا يسمعها الإنسان إلا مرة واحدة في حياته.
بن دافيد هو مصري مسلم الأصل والدين، عاش في مصر وولد بها، وهو ابن الجاسوس الشهير إبراهيم شاهين والذي كان يعيش في مدينة العريش موظفا بسيطا في مديرية العمل بمحافظة سيناء.
وفي عام 1967 احتل الإسرائيليون المدينة، وقاموا بإلقاء القبض على شاهين الذي لم يتورع عن التواصل مع العسكريين الإسرائيليين والتواصل معهم من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، ومن هنا تبدأ القصة، حيث فكر الإسرائيليون في كيفية تجنيد شاهين للعمل جاسوسا لإسرائيل في قلب القاهرة، حيث تمت إعادته إلى القاهرة بعد طرده مع عشرات المصريين من العريش لعدم رغبتهم في الحياة بها وسط الاحتلال.
وتم تدريبه في الموساد على كيفية إرسال الرسائل الاستخباراتية السرية من قلب القاهرة إلى تل أبيب.
ومع الوقت أتقن شاهين العمل واستطاع التمييز بين الأسلحة والمعدات العسكرية المختلفة، وكان ينقلها أولا بأول إلى إسرائيل.
وبمرور الوقت تعاظم دور العميل، وقرر التوسع في الخيانة ومن ثم التوسع في النشاط، ولم يجد أكثر من زوجته انشراح التي تعاونت معه في التجسس لصالح إسرائيل، وكانت تنظم حفلات بصورة دورية للمجندين في الجيش من أصدقاء أبناءها الثلاثة الأطفال في المدرسة.
واغتالت الجاسوسية أحلام الطفولة سريعا، وتحول الصبية الثلاثة إلى جواسيس أو رادارات بشرية تتجسس على الوطن وتحرص على مصادقة أبناء الضباط لمعرفة مواعيد عمل الآباء ومواقع عملهم، والأهم من هذا الاستعدادات العسكرية التي تتخذها مصر على الجبهة.
ونجح الصبية الصغار في الحصول على أخطر معلومة كانت تحتاجها إسرائيل، وهي مواعيد حضور الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المصرية إلى الجبهة، وبالفعل تم إرسال مواعيد حضوره إلى إسرائيل التي لم تفوت الفرصة واغتالت القائد العظيم الذي يعود إليه الفضل في تطوير الكثير من أوجه عمل الجيش المصري.
وحرصت المخابرات الإسرائيلية على مد شاهين زوجته بأفضل الدورات التدريبية المؤهلة للتوسع في النشاط الاستخباراتي التجسسي، وبالفعل تواصل الخيانة وضمت العائلة.
واكتشف رجال المخابرات المصرية أمر شاهين سريعا، حيث لاحظوا ترددهم كثيرا على إيطاليا أو اليونان واختفائهم هناك، حيث كانت هذه الدول بمثابة الرابط الذي يتوجهون بعده إلى إسرائيل.
وبالفعل وقع الزوجان في الفخ، وكان قرار المخابرات المصرية هو استمرار العملية وعدم الإيقاع بالزوجين الآن حتى تعرف القاهرة ما الذي تطلبه المخابرات الإسرائيلية بالضبط.
وتم السيطرة على شاهين وعلى كافة تحركاته والاتصالات التي يقوم بها ، وفي أكتوبر عام 1973 كان النصر حليف المصريين ورأت القيادة الأمنية المصرية ضرورة استمرار العملية لعودة الحرب الأمنية بين القاهرة وتل أبيب من جديد.
ومع بداية عام 1974، سافر شاهين إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم إلى إسرائيل، وهناك حضر اجتماعا سريا مع أحد أبرز قادة الموساد الجدد ممن تم تعيينهم بعد أن أطاحت حرب أكتوبر المجيدة بالقيادات السابقة.
وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على منح إبراهيم جهاز إرسال جديد، وهو من أحدث أجهزة الإرسال المتطورة، خاصة وأن شاهين قال صرح للإسرائيليين إنه شعر بأن هناك أمورا مريبة تتم في مصر، إلا أنه لم يمتلك الإمكانيات المادية أو التقنية اللازمة من أجل إرسال الرسائل السريعة إلى المخابرات المصرية.
وقرر قادة الموساد الجدد، منح شاهين أحد أجهزة الإرسال الجديدة المتطورة، وعلمت مصر القصة، وتم إطلاع الرئيس السادات بكافة جوانب العملية، وكان قرار الرئيس ضرورة الانتظار حتى يحصل الصيد الثمين على جهاز التجسس ويعود به إلى القاهرة.
وبالفعل عاد شاهين إلى مصر ومعه جهاز الإرسال الجديد، إلا أن مفاجأة جديدة أذهلت العملاء بالإضافة إلى المصريين والإسرائيليين وهي حصول عطب في جهاز الإرسال، ولا يمكن إصلاح العطل إلا بالذهاب من جديد إلى إسرائيل والاتيان بمكون جديد يتم وضعه في جهاز الإرسال.
وكان قرار الرئيس السادات بضرورة الانتظار للحصول على المكون الجديد الذي سافرت إنشراح شاهين زوجة إبراهيم للإتيان به.
وفور عودتها إلى القاهرة كان القرار بالقبض عليها وعلى زوجها وأولادها بتهة التجسس والتخابر.
وأصيب قادة الموساد بالانهيار، خاصة وأن هذه كانت المرة الأولى التي توجه فيها المخابرات المصرية صفعة إلى جهاز الموساد بطاقمه الجديد.
وعند القبض عليهم قرر السادات الإسراع في تنفيذ الحكم الصادر بإعدام شاهين الذي طالبت إسرائيل مرار بتسليمه إليها، وتم الإفراج عن إنشراح وأولادها، حيث هرب الأبناء إلى إسرائيل عبر صحراء سيناء، بينما تم تسليم إنشراح رسميا إلى إسرائيل مقابل الحصول على امتيازات لم يتم الإعلان عنها أو الكشف عن تفاصيلها حتى الآن.
وفي إسرائيل تهودت انشراح وأبناؤها الثلاثة، وسافر أحد الأبناء إلى البرازيل مع زوجته الإسرائيلية، بينما يعيش اثنان مع إنشراح في إسرائيل بأسماء يهودية، وافتتحوا مطعما للاسماك هناك.
ويحرص القادة والزعماء الإسرائيلين على الاجتماع دوريا بعادل شاهين الذي تهود على يد الحاخام عوفاديا يوسف وحول اسمه إلى رافي بن دافيد، زاعما أنه قام بهذا الأمر خوفا من ملاحقة كوابيس الماضي له.
ويقول بن دافيد إن والده كان جاسوسا على مصر، وبالتالي فالتساؤل الآن ما الذي يدفعه إلى دفع ثمن هذه الخيانة؟، مشيرا إلى أنه يحلم بالعودة إلى مصر من جديد، إلا أن الأمن يمنعه من هذا الأمر تماما.
ويزعم بن دافيد أنه حاول بالفعل الدخول إلى مصر منذ ما يقرب من عقد، وسافر بالأتوبيس إلى سيناء، وفي العريش تم اكتشاف أمره وإلقاء القبض عليه وترحيله إلى مقر المخابرات، وهناك زعم بأن أحد كاتبي روايات المخابرات المشهورين تولى التحقيق معه، ثم تم توصيله بعد ذلك إلى مطار القاهرة، ونصحه رجال المخابرات بعدم العودة إلى مصر من جديد، وسافر إلى إسرائيل.
ويحرص كبار المسئولين الإسرائيليين على الاجتماع مع بن دافيد بصورة دورية، مقدرين الخدمات التي قدمها والده إلى تل أبيب، حتى أن الرئيس المسجون الان موشيه كتساف هو من قام بختان نجله الطفل في حفل تهويده، وهو شرف كبير لا يمنحه القادة الإسرائيليون لأي فرد إلا أن كان عميلا بمعنى الكلمة.
جدير بالذكر أن قصة رافي بن دافيد تم تجسيدها في مسلسل السقوط في بئر سبع، إلا أن الحبكة الدرامية غيرت الكثير من وقائع المسلسل الذي يؤكد واقع أبطاله أنهم سقطوا وانغمسوا وتنفسوا من بئر الخيانة مع إسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق